التاريخ:24/9/2013
يوميات مواطن عادي
(13)
الاضرابات المتكررة… وسياسة الهروب للامام !

الاضراب حدث يكاد يكون يوميا هذه الايام. اضراب طلاب جامعة بير زيت، او النجاح او غيرها من الجامعات والكليات، اضراب المهندسين او العاملين في المهن الصحية، المعلمين او الموظفين العموميين. اضراب المحامين، او سائقي سيارات النقل العامة. اضراب العاملين والموظفين في احدى الجامعات او الكليات، او موظفي مجلس ما من المجالس والهيئات المحلية. اضراب للخريجين العاطلين عن العمل… كل هذا على سبيل المثال لا الحصر، وهو بالمناسبة حدث واقعي حقيقي حدث ويحدث في حياتنا اليومية، وهو ما يدفع الى مزيد من البحث والتساؤل حول حقيقة ودوافع واسباب هذه الاضرابات وارتباطها بواقع وطبيعة العلاقة داخل مؤسساتنا المختلفة وفيما بينها. وهي لا شك علاقة متداخلة ومتشابكة ومعقدة الى حد كبير.

لا يفوتني هنا التأكيد على ان منطلقاتي ليس لها علاقة بحق اي جماعة او مجموعة منظمة في هيئة او جمعية في النضال بجميع الطرق والوسائل التي يتيحها لها القانون من اجل مصالح وحقوق الفئات التي تمثلها، بما في ذلك الحق في الاضراب بمستوياته المختلفة، وهو حق اصبح من احد اهم الحقوق التي لا يستطيع اي كان الطعن او المساس بها. وهذا الامر بحد ذاته انجاز عام يفتخر به كل فلسطيني. وما اريد التحدث عنه هنا هو امر اخر مختلف وهو دلالات هذه الاضرابات وتكرارها وربما علاقة ذلك بالنتائج التي تؤدي اليها او تخرج بها.

اهم ما يسترعي الانتباه والملاحظة في هذه الاضرابات هو اولا مطالب الهيئات او الجهات التي تخوض الاضرابات، وهي في الغالب تتمركز حول مطلب رئيسي واحد، ومعه عدد من المطالب الفرعية او المتفرعة. وثانيا الحلول التي يتوصل اليها طرفي الاضراب (او النزاع)، وثالثا هو تكرار الاضراب من نفس الجهة او الهيئة وربما حول نفس المطالب من ناحية الجوهر او المضمون بعد فترة من الزمن، وفي الغالب ليست طويلة. وكل ذلك يقود الى سؤال جوهري حول جدوى الحلول او الاتفاقيات التي يتم التوصل اليها.

العديد من المؤشرات تدفع الى الاعتقاد ان الحلول في المجمل تعبر ليس عن اتفاق اي طرفين على انهاء اسباب وعوامل الخلاف والنزاع، وانما عن اتفاق الطرفين على دفع الازمة واسبابها الى الامام. والا لماذا يقوم طلبة احدى الجامعات مثلا بالاضراب في كل عام دراسي احتجاجا على رفع رسوم الدراسة، او موظفي الجامعات بالاضراب للمطالبة بعلاوة غلاء معيشة، او اضراب موظفي مجلس او هيئة محلية ما لتأخر صرف رواتبهم، او اضراب الموظفين العموميين لتحقيق مطلب ما من مطالبهم، او سائقي سيارات العمومي للمطالبة بتخفيض اسعار المحروقات… وغيرها الكثير من الامثلة التي نعايشها يوميا. كل هذه الامثلة تشير الى ان ما يحدث لدينا هو دفع الازمات الى الامام او تأجيلها ثم اعادة تأجيلها مرة اخرى، وهكذا هو الحال. وما يدل على ذلك ايضا هو انه بالمجمل فانه لا يوجد من يتساءل عن الاسباب الجوهرية لهذه الازمات، وانما في الغالب يجري البحث في القشور وعلى السطح.

اذا كان لدينا مثلا عدة جامعات رئيسية في فلسطين يلتحق فيها عشرات، آلاف الطلبة والموظفين، ويتنقل عنوان الازمة وموضوعها، وهو رفع رسوم الدراسة او علاوات الرواتب للموظفين على اختلافها من جامعة الى اخرى منتجة تحركات مطلبية مختلفة، في حين يبقى جوهر القضية بعيد عن الانظار فانه من الطبيعي ان تتكرر الازمات وتعاود التكرار مرة تلو الاخرى. وحده فقط يبقى دون تكرار، بل دون ذكر حتى وهو السؤال حول السبب الرئيسي حول اسباب ازمة التعليم الجامعي في فلسطين؟؟ ولعل احدى المفارقات الملفتة للنظر هذه الايام هو مبادرة نقابة الموظفين العموميين بالتبرع بمبلغ مالي كمبادرة لحل الازمة القائمة حاليا بين طلبة وادارة جامعة بير زيت. وبالطبع فان هذه المبادرة تستحق التقدير، ولكن السؤال يبقى ماذا لو نشبت غدا او بعد غد ازمة اخرى مشابهة في جامعة النجاح او بيت لحم او غيرها من الجامعات، هل ستتكرر المبادرة والتبرع المشكور من نقابة الموظفين العموميين؟؟ علما ان النقابة نفسها كانت قد علقت خطواتها الاحتجاجية التي بدأتها الاسبوع الماضي لتحقيق سلسلة من المطالب، منها ما يتعلق بالعلاوات والزيادات على الرواتب.

جملة القول انه في ظل تفاهم “ضمني” بين اطراف كل او اي نزاع على تأجيل البحث في الاسباب الجوهرية والاساسية للنزاع، والاتفاق على حلول “وسط” لا تعالج الجوهر والاساس، فانه من الطبيعي ان لا يتم ايجاد حلول، بل يتم الهروب من الازمات ودفعها الى الامام. لكن السؤال الاهم هو الى اين سنصل اذا تزامن تفجر هذه الازمات مع بعضها البعض؟!

نبيل دويكات
رام الله- 24 أيلول 2013
http://www.wattan.tv/new_index_hp_details.cfm?id=a6032982a7744082&c_id=9
http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=633024
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2013/09/25/307025.html

 

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *