التاريخ:9/10/2013
يوميات مواطن عادي
(15)
حوادث العمل.. “من يدق جدار الخزان”؟!

حوادث العمل هي واحدة من القضايا والامور التي تلفت النظر هذه الايام، ليس فقط لان كل متابع للقضايا المحلية يلاحظ ازديادها، بل لان طبيعة ومستوى تفاعل وتعامل كل الجهات والهيئات المختصة، فضلا عن المجتمع بشكل عام، لا زال دون المستوى المطلوب. واقصد من ذلك القول انه رغم كل ما يقال فاننا لا زلنا نتابع بين فترة واخرى تفاصيل احدى هذه الحوادث التي يدفع ثمنها احد ابناء هذا الشعب خلال بحثه عن لقمة عيش لعائلته.

طبيعة ومستوى تعامل الكثير من الهيئات والجهات المختصة يلفت الانتباه ويدعو لطرح العديد من التساؤلات. خاصة انه مع كل حادث عمل جديد تسارع عدد من هذه الهيئات والجهات الى اصدار بيانات ومواقف يظهر من خلالها انها قامت بكل الاجراءات والخطوات، وخططت ونفذت الكثير من الفعاليات التي تكفل “عدم تكرار” مثل هذه الحوادث. والتساؤل الرئيسي الذي يطرح نفسه هو: اذا كانت كل الهيئات والجهات المختصة والمعنية قد قامت بما يتوجب عليها لمنع ذلك ، فلماذا تتكرر هذه الحوادث؟! من نلوم اذن؟ ولمن نحمّل المسئولية؟ خاصة ان ورش العمل والمنشآت وكل اماكن حدوث مثل هذه الحوادث لا تلبث ان تواصل عملها كالمعتاد، ودون تغيير، حتى لو كان شكليا.

خطر ببالي التساؤل عن المسؤول قبل ايام عديدة حين كنت استمع لبرنامج منوعات في احدى المحطات المحلية، ويتضمن فقرة للاعلان عن الوظائف الشاغرة، وهو من وجهة نظر المحطة يسهم في مساعدة الباحثين عن عمل، وهو جهد مشكور في كل الاحوال، لكن الاعلان كان يتضمن شروط ومواصفات الوظيفة ومن ضمنها، ان ساعات العمل سوف تكون من الساعة التاسعة صباحا وحتى الثامنة مساءا، واكملت مقدمة البرنامج فقراتها بصورة طبيعية، ولا اعتقد ان كل من ساهم في اخراج البرنامج او سمعه قد تنبه الى ان عدد ساعات العمل المذكور مخالف للقانون الفلسطيني. وعاد السؤال اليوم لطرح نفسه حيث قرأت تصريحات لاحد الوزراء تعقيبا على احد هذه الحوادث، حيث استنكر الاستمرار في اهمال شروط الصحة والسلامة المهنية، مناشدا العمال اخذ الحيطة والحذر.

انا كمواطن عادي، وغيري من المواطنين يستنكرون ويعقبون بالكثير من هذه العبارات، لكن المسؤول في مركز صنع القرار يمكنه اخذ قرارات، بل وواجبه اخذ قرارات تعالج وتضع حلول، بدل الادانة والاستنكار، لانه بدون اتخاذ قرارات واضحة وحاسمة فان هذه الحواث سوف تتكرر، لانه حتى المواطن العادي مثلي يمكنه يوميا ملاحظة العديد من الحالات في عدة اماكن والتي يمكن ان تكون “مشروع حادث عمل”، وربما تحول الصدف في كل هذه الحالات دون وقوع معظم هذه الحوادث. لكن المشكلة ان الصدف لوحدها لا تكفي. وعلى كل الجهات ان تتحمل مسؤولياتها، وان تعكس هذه المسؤوليات على ارض الواقع، وليس فقط بيانات وتصريحات مكتوبة لا تصلح الا ان تكون نوع من انواع “براءة ذمة” من الموضوع والتنصل من المسؤوليات.

مع كل ضحية جديدة تسقط في حوادث العمل، تفتح ابواب جديدة من المعاناة لعائلة اخرى من عائلات الضحايا، وتفتح العديد من الملفات كملفات التحقيق وفحص الاجراءات … وغيرها، تغلق جميعها بعد وقت، طال ام قَصر، فانه يذكرنا في كل لحظة ان هناك ملف ما زال مفتوحا، وبعدها ستفتح اخرى من الالم والمعاناة للاسر والعائلات، ليس فقط بسبب الفقدان وخسارة احد افرادها، بل لان المسئولية ضاعت بين هذه الجهة وتلك، واصبح البحث عنها كمن يبحث عن ابرة في كومة قش. اذا كان مقياس الجهد والعمل هو النتيجة، فان النتيجة التي حصلنا عليها حتى الآن هي الفشل في وقف هذا النزيف البشري، وهذا ما يجب ان يكون حافزا ودافعا للجميع للبحث في عمل حقيقي يؤدي الى نتيجة ملموسة وواضحة تستطيع وقف الظاهرة، او تقليصها الى ادنى الدرجات كحد ادنى.

لا اقصد هنا التقليل من اهمية الجهد الذي تبذله كل الجهات والهيئات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية صاحبة الاختصاص في هذا المجال كالوزارات والاتحادات النقابية واتحادات المقاولين واصحاب العمل واية جهات اخرى لها علاقة بهذا الموضوع. كما لا افكر في الطرف المسئول من منطق العقاب او كما نقول بالعامية “قطع الرأس”، انما من منطق ومنطلق يقوم على فكرة مقولة “اذا عرفنا سبب الداء، فاننا سنعرف الدواء”. فحوادث العمل لا زالت ظاهرة قائمة، وهناك حاجة ماسة لان يتوقف الجميع عندها، ودق جدران هذا الخزان الذي يحصد ارواح المزيد من الباحثين عن لقمة عيش لاسرهم.

نبيل دويكات
رام الله- 9 تشرين الأول 2013
http://www.wattan.tv/new_index_hp_details.cfm?id=a8388545a5044942&c_id=9
http://arabic.pnn.ps/index.php/ideas/69380-
http://www.amin.org/articles.php?t=opinion&id=22372
http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=637884

 

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *