التاريخ:27/1/2014
يوميات مواطن عادي
(21)
شهر على إنتهاء العاصفة الثلجية… “كلام الليل يمحوه النهار…”

في هذه الأيام يكون قد مرّ أكثر من شهر على إنتهاء العاصفة الثلجية التي ضربت المنطقة، وسببت في حينه جملة من الخسائر والأضرار في الممتلكات العامة والخاصة في عدد كبير من القطاعات، ومن بينها قطاعات هامة وحيوية للإقتصاد والمجتمع الفلسطيني. وخلال فترة العاصفة، وفي الأيام اللاحقة لإنحسارها، إنبرت الغالبية العظمى من وسائل الإعلام المحلي، وصفحات التواصل الإجتماعي لتناول وتداول كم هائل من المعلومات والتقارير والتصريحات والمقابلات والتحقيقات وغيرها من المواد الإعلامية المتنوعة تمحورت حول إستعراض الخسائر العامة والخاصة والحجم المتوقع ونطاق تأثيرها في المجال العام والخاص. وفي المحور الثاني نوع من التقييم للإستعدادات المسبقة لحدوث العاصفة، ولاحقا نوع وكيفية التفاعل والفعالية والتصرف خلال حدوثها في محاولة، وخاصة المؤسسات والهيئات العامة، للتقليل من آثارها السلبية على حياة المواطنين في مختلف المجالات.

من مجمل ما إطّلعت عليه خلال تلك الفترة أكاد أجزم أن كل ما تم تداوله من مواد إعلامية صادرة عن الهيئات والمؤسسات العامة كالهيئات المحلية، الوزارت المختلفة المعنية، الشركات الكبرى… الخ من الأطر المجتمعية العامة أشارت الى أن هناك إستعداد كامل، بل ولدي بعضها، نية حقيقية من أجل إجراء “كشف حساب” للرأي العام في إطار عملية تقييم شاملة ومفتوحة حول مجمل ما كان هناك شبه إجماع عليه في الإخفاق العام في التعامل والتفاعل مع تلك الأزمة، وأن تلك الإستعدادات التي كَثُر الحديث عنها خلال الأيام القليلة التي سبقت العاصفة لم تكن سوى “قلاع كرتونية” حجبت فقط شمس الحقيقة عن أعين المواطنين، ولم تصمد إلا دقائق معدودة أمام الهبات الأولى للعاصفة.

يقول المثل الشعبي “تمخّض الجبل فولد فأراً”، والمقارنة هنا بين حجم الجبل وحجم الفأر، حجم التوقعات وحجم الواقع والحقيقة، وفي النتيجة المقارنة تشير الى حالة من الإحباط لكل من توقع فِعلاً بحجم الجبل وكانت النتيجة بحجم الفأر. وحتى لا يفهمني أياً كان بصورة خاطئة فإنني أُوضّح أن المثل الشعبي لا ينطبق هنا على الحالة التي تحدثت عنها. كما لا أريد أيضا أن يفهمني أياً كان بصورة خاطئة أيضا بعد الجملة السابقة، فإنني أُريد أن أُضيف أن الحالة السابقة تنطبق عليها المقولة الشعبية، وربما الحقيقة العلمية، التي تقول أن الحمل كان “كاذباً”.

أيام قليلة بعد إنتهاء العاصفة وإنحسار الثلوج، وذوبانها كاشفة ما تحتها، تكشفت فيها أيضا حقيقية التصريحات والوعود و”كلام الإستهلاك” المحلي. على الأقل في حدود إطّلاعي ومعلوماتي، سواء عبر محاولة تتبع نتائج معينة، أو عبر ما يعيشه المواطنون، ويلمسوه على أرض الواقع يوماً بعد يوم منذ إنتهاء العاصفة. بل ربما يتكشف الواقع عن أسوأ من ذلك بكثير. وحقيقة الإستعدادات قبل العاصفة كانت فعلا “حملاً كاذباً”، وحقيقة الإستعداد أو الجاهزية للتقيم ومن ثم المحاسبة كانت هي الأخرى “حملاً كاذباً” مرة اخرى.

ما يراه المواطنون يوماً بعد يوم من حقائق لا تقبل الجدل ولا النقاش، أنهم وحدهم من عايش العاصفة وتأثيرها السلبي في كل المجالات، وأنهم وحدهم مَن تحمّلوا الخسائر والأضرار في ممتلكاتهم الخاصة، وحتى تلك المرتبطة منها بالقطاع العام والأمن الاقتصادي للمجتمع الفلسطيني. والحقيقة الأكثر صعوبة والتي يحاول المواطنون جهدهم في إبتلاعها دون جدوى هي أن يقوموا هم أنفسهم بدفع تكاليف الأضرار في الممتلكات العامة، سواء تلك التي تُدار من قِبل الهيئات والمؤسسات الحكومية، أو من قِبل الشركات والمؤسسات الربحية والخاصة. بل وحتى عليهم أن يدفعوا تكاليف حملات الكذب والخداع عليهم. الفواتير والمطالبات المختلفة والتكاليف التي إرتفعت في كل المجالات تُؤشر بصورة واضحة على هذا الإتجاه. وبالمناسبة فإنه في هذه الحالة لم تنطبق عليها تلك المقولة، أقصد “الحمل الكاذب”، وهي الحالة الوحيدة التي يَسعد فيها أي مواطن بهذه المقولة، في حال أصابته صدمة من فاتورة تكاليف مرتفعة، وتبين بعدها أن هذه الفاتورة “حمل كاذب”. هنا بالذات يتضح ان الفاتورة حقيقية، رغم تضخمها، أما لسان حال المواطن في هذه الأحوال فلا يتوقف عند كل جديد، وعند كل تصريح يسمعه عن ترديد تساؤله الجديد القديم “هل كلام الليل يمحوه النهار…؟!”.
نبيل دويكات
رام الله- 27 كانون الثاني 2014

http://www.amin.org/articles.php?t=opinion&id=23173
http://pnn.ps/index.php/ideas/79666
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2014/01/27/318783.html
http://www.wattan.tv/ar/news/84963.html

 

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *